Ash-Shaikh H. Abdul Nazar

Welcome to
official website of
Ash-Shaikh
H. Abdul Nazar

مرحبا بكم
في الموقع الرسمي
لفضيلة الشيخ
عبد الناصر بن حنيفة

من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين

 

Appreciations

أستحضرك يا أستاذنا
ذكرى رحيل الأستاذ محمد ممشاد بن حبيب لبيه


تذكرتك اليوم، اليوم الثالث من مارس يا أستاذنا الموقر. صب الله عليك شآبيب رحمته.

في مثل هذا اليوم في العام المنسلخ تواريت عن أعيننا ورحلت من دنيانا وفارقت أهلك وأنجالك وإخوانك وأحبابك وأصدقاءك وزملاءك وأساتذتك وتلامذتك. وودعناك بقلوب عامرة بالحزن وعيون فائضة بالدمع وأذهان جائشة بالشعور.

كرسيي جرني وأجلسني عليه. وأنا في غرفة ليس فيها داع ولا مجيب. والجو هادئ. والفكر يرفرف. والمفردات تلثمني. والتركيبات تعانقني. وبنت عدنان تطاوعني. والمشاعر تحركني. فأستحضرك يا أستاذنا الكريم. أنت الآن أمامي في عيني بأسارير محياك الجذاب وهندامك الأخاذ ولباسك الفضفاض.

أستحضر اليوم الذي حظيت برؤية وجهك فيه لأول مرة في الجامعة الرحمانية. وأستحضر اليوم الذي جلست فيه تلميذا بين يديك لمادة الدينيات. وأستحضر مواد الدينيات والعقيدة والتصوف التي وفقت إلى تلقيها منك، كما أستحضر شرحك الواضح لكتاب "تحفة المريد على جوهرة التوحيد" وكتاب "إحياء علوم الدين".

أستحضر الأيام التي أجهدت فيها نفسك كى تتجافى جنوبنا عن المضاجع ندعو ربنا خوفا وطمعا في الجامعة الرحمانية.

أستحضر اليوم الذي أكرمتنا فيه بوليمة عرسك السعيد.

أستحضر يوم زرناك في مغناك العزيز عندما عدت بعد أداء مناسك الحج والعمرة لأول مرة. وأستحضر رسالة "سبيل النجاة" من تآليف الشيخ أبي بكر جابر الجزائري التي أتحفتني بها في تلك المناسبة.

أستحضر الشعر الذي نظمته فيك إذ استعفيت من الجامعة الرحمانية.

أستحضر تدريسك في الفصول ووقوفك على منبر الجوامع وجلوسك في كرسي الرئيس في الاجتماعات.

أستحضر ثباتك على الدين وصمودك في الحق وشدتك في الأصول وصلابتك في الفروع وجسارتك في قول الحق وورعك في الحياة وموقفك الحاسم في القضايا.

أستحضر المناسبتين اللتين أثلجت فؤادي فيهما بتعريف كتابين صبهما يراعي.

أستحضر الأيام التي جمعتنا على مكتب ومائدة ندوة الرحمانيين.

أستحضر الاجتماعات والمناقشات المختلفة التي متعت فيها عقولنا بآرائك السديدة وشحذت أذهاننا بأفكارك الرشيدة وحركت أفكارنا بتجاربك العديدة.

أستحضر النصائح الغالية التي جدت بها علينا والدعابات التي تبادلتها معنا والضحكات التي صحبتها.

أستحضر أيام الرحمانيين التي طابت فيها نفسي ونفوس إخواننا وقرت بها عيني وعيون إخواننا بصحبتك.

أستحضر يوم أبهجتني وأفراد أسرتي بنزولك بنا في بيتنا.

أستحضر اليوم الذي عدتك فيه أخيرا مع أهلى وأبنائي وأنت في منزلك على فراش المرض الأخير وقبلت يديك الكريمتين أخيرا.

أستحضر رنين الهاتف الذي هزني وأوقف نبضة قلبي هنيهة بنبأ وفاتك.

أستحضر الجم الغفير الذي اجتمع لتشييعك والمنظر المهيب الذي سكن له جامع ويلامبودا مسقط رأسك حين صلي عليك بدون أذان والعبرات التي انهمرت على خدود المشيعين والكلمات التي نطقت بها ألسنتهم مدحا لك وثناء عليك.

أستحضر وجهك الوسيم وقدك القسيم ولحيتك الكثيفة، الطويلة ومشيك الوقور ونظرك الجلاب.

هذا غيض من فيض. وتتوق نفسي إلى استحضار أكثر من هذا. وأترك الباقي للأيام القادمة إن شاء الله تعالى.

يا أستاذنا الحبيب، أرى فيك إنسانا ربحت تجارته في الدنيا وترك وراءه حياة مثالية.

انتقلت إلى رحمة الله الرحمن الرحيم بعد حياة مليئة بالبلاء والأدواء. وتحملت مشاق ومصاعب عيشك بصبر ودعاء. وفعل بك المرض فعلته التي فعلها وأنت من المؤمنين الصادقين، الصابرين. ولم يتركك السقم حتى أنزل بك السرطان الذي يخاف منه الرعية والسلطان خوفهم من الأسد والثعبان. فأكل السرطان من جسدك ما أكل، بيد أنه بفضل الله وكرمه لم يأكل إيمانك.

وهل فراقك إلا فراق جسد؟ لا تزال حيا في خلدي وعيني. واللحظات التي مرت بي معك تلمع في هذه المناسبة في ستار جناني لمعان البرق. وحركاتك وسكناتك وقيامك وقعودك ومشيك ووقوفك ومرورك وركوبك وتبسمك وضحكك وكلامك وسكوتك وأكلك وشربك كلها ماثلة أمامي ولو نأت الدار وبعدت المسافة.

هل تدري يا أستاذ أن قصيدة الوداع التي أنشأتها حين ودعتك الجامعة الرحمانية قبل عقدين صلحت لأن تنشد لك قصيدة وداع أخير؟ وما أشبه الليلة بالبارحة! فأضفت إلى قصيدة الوداع أبياتا بعد رحيلك. فها هي ذي كاملة:

بـحــمــد الـرب قـد خــلـق الأنــامـا

=

وأحــســن كل مـا خــلـق انــتــظــامـا

صــلاة مع سـلام عـلى الـرسـول

=

وآل ثــــــــم أصـــــــــحــــــــاب دوامـــــــا

أأجــمــل زهــــرة فــاحــت تــطـــيــب

=

مـن الـرحــمـانــيـة نـلـنـا الشـــمـيـمـا

بــمــمـــشـــاد ســــمـــاك الــوالــــدان

=

ووفــــقـــك الإلـــه فـــحـــزت عــــلــمـا

وثــقــف نـفــسـك الـرحـمـانــيـة قـد

=

رزقــــــت ودادهـــــا ثـــم احـــــتـــرامـــا

ثـمـاني مـن سـنــيـن مـن الـزمان

=

قـضــيــت بـهـا لـنــيـل الـعــلـم رومـا

كـذا نـفـس الـزمان بـهـا صـرفــتـا

=

تــعــلـم مـن أتـى فـــطــنـا وشـــهــمـا

وأورع عــالــم قـــد ظــلــت فــــيــنــا

=

عـلـى ذا يـــشــهـــد الـطــلاب دومــا

وفـي الـتـدريــس أديـت الـحـقـوقـا

=

وذقـــــت حــــلاوة فــــيــه وطـــعــــمـــا

ومـا أعـظـم بــسـالــتــك الـعـــزيـــزة

=

نهـيـت عـن الـمـناهـي مـسـتـقــيـمـا

وضـيــغـم نـخــوة قـد كــنــت فـيـنـا

=

إذا عـــم الــفـــســـاد وســـاد قــــومــا

ولـلـمـعـــروف تــرتــاح وتـــســخـى

=

وقــد نــدر الــذي يــســخـى كــريــمـا

أيـا أســتــاذ لا نــصــبـر عـلـى ما

=

تـــفـــارقــــنــا وتــــتـــركـــنــا انــكــثــامـا

نــرى الرحـمـانــيـة تـبــكـي عـلـيـكا

=

كــذا تــبـــكـي الــســمـا والــكل غــمـا

عـلى الأســتـاذ نــثـــنـي ونـــشـــيـد

=

بـــبــالــغ جـــهـــده نــــثــــرا ونـــظـــمــا

وأكـــثــــر بــمـــآثـــــرك الـجـــمــيـــلـة

=

ونـــنـــثــر زهــر شــكــر فـاغ فـــغــمـا

إلــه الـخــلــق أفـــعــــمــه بــخــــيـــر

=

ونـــعـــمــات كـــمـا رام الــنـــعـــــيـــمــا

كذا اسـتـخـدمـه للـدين الـحـنـيـف

=

وأســــرتــــه لــــه اقـــــبــــل تـــــمـــامـــا

وذي الأبــيـات جـاد بـهـا يــراعـي

=

مــضـى عـــقــد فــعـــقـــد انــصـــرامــا

بـــهــا تــــم الــوداع لـــك ســـلامـــا

=

مـن الرحـمـانــيـة فــخـمـا وضــخـمـا

ولم أشـعــر بـأن الشـعــر نـفــسـه

=

ســـــأرثــــوك بـــه يـــــومــا خــــتــامـــا

وأبــــــنــــاك يـــا أســـــتـــــاذ حــــــبـــا

=

وتــــذكارا وتـــــشــــريـــفــا جـــــســامــا

وحـــى أنــــت فــي كل الـصــــدور

=

مــحــيــاك الـمـنــيــر نــرى وســـيــمـا

ورب الـعــــرش أكـــرمــك بــخـــيــر

=

وأســــعـــــدك وجــــازاك عـــــظــــيـــمــا

وألـهـم أهـلـك الـصــبـر الـجــمـيـلا

=

وأذهـــب عـــنــهــم الـهــم الألــــيــمــا


تلميذك البار،
عبد الناصر بن حنيفة
1438/06/03هـ
2017/03/03م
 

 

Copyright © 2011 - 2018 | All rights reserved to Ash-Shaikh H. Abdul Nazar

Message to us Visit our twitter page Visit our facebook page